شرح الوصية الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية
وسطية الأمة في الأنبياء
...............................................................................
ذكر أيضا توسطهم في الأنبياء والرسل؛ فذكر أن اليهود اشتهر أنهم يحاربون الأنبياء، ويقتلونهم كما في قوله تعالى: رسم> فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ قرآن> رسم> وفي قوله تعالى: رسم> فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ قرآن> رسم> وفي قوله: رسم> إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ قرآن> رسم> من هم؟ هم اليهود هذه هي أفعالهم؛ حتى ذكر في التفسير؛ تفسير هذه الآية في سورة آل عمران أنهم قتلوا مرة أكثر من ثلاثمائة من الأنبياء، ومن الذين يأمرون بالقسط من الناس، وأقاموا سوق بقلهم. أي: في ذلك اليوم الذي قتلوا فيه هؤلاء الصالحين والأنبياء ما عطلوا أسواقهم؛ حتى أسواق البقول ما عطلوها، وذلك دليل على حقدهم على أولياء الله، لا شك أن هذا تطرف، أنه تغيير لشرع الله وبغض لأولياء الله ومعاداة لهم؛ حيث وصل بهم الحقد إلى أنهم يقتلونهم.
أما النصارى فقد سمعنا أنهم غلوا في أنبيائهم وأوليائهم فاتخذوهم أربابا من دون الله، وصاروا يعبدونهم من دون الله، ومثَّل بعيسى اسم> ؛ أن النصارى عبدوه وجعلوه إلها مع الله، فبعضهم يقول: هو الله: رسم> لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قرآن> رسم> وبعضهم جعله ابن الله: رسم> وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ قرآن> رسم> وبعضهم جعله هو وأمه إلهين من دون الله؛ كما قال الله تعالى: رسم> وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قرآن> رسم> يوبخ الذين قالوا ذلك؛ فتبرأ من ذلك وقال: رسم> مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ قرآن> رسم> فهذا نوع من الغلو، وهذا نوع من الجفاء.
فالنصارى غلوا فيه، واليهود جفوا فيه ورموا أمه بالبهتان رسم> وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا قرآن> رسم> وحاولوا قتله، وادعوا أنهم قتلوه: رسم> وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ قرآن> رسم> ؛ رسم> بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ قرآن> رسم> شبه لهم أحد أتباعه أو غيره، فظنوا أنه هو وقتلوه وصلبوه، والله تعالى أخبر بأنه رفعه إليه: رسم> بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ قرآن> رسم> رسم> إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ قرآن> رسم> أنامه الله تعالى نومة، ثم رفعه إلى السماء.
فالحاصل أن هؤلاء غلوا وهؤلاء جفوا، والوسط هو الصواب، وهو أن عيسى اسم> عبد الله ورسوله لا غلو ولا جفاء قال الله تعالى: رسم> مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ قرآن> رسم> ثم قوله: رسم> كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ قرآن> رسم> يبين أنه يعتريهم مثل ما يعتري البشر؛ بحاجة إلى الغذاء وبحاجة إلى التخلي، وهو دخول الخلاء؛ لأن ذلك من آثار أكل الطعام، فكيف يجعل ولدا لله تعالى؟! تعالى الله.
والحاصل أن هذا من جملة ما تفرق فيه هؤلاء، وهدى الله أهل الحق......
مسألة>